الأحد، 22 فبراير 2009

المختبر الأوروبي يتوقع : اختفاء الدولار وانهيار النظام العالمي

قطاعات كبيرة ستختفي بشكل مؤقت أو نهائي في أشهر الصيف..
والعالم يتجه لتكرار وضع أوروبا في 1913م

التقرير:

قادة العالم عاجزون عن مواجهة الأزمة العالمية وعليهم أن يدركوا أن الحل هو بناء منظومة جديدة

كتبت: سحر سلامة

توقع التقرير الشهري للمختبر الأوروبي للاستشراف السياسي التابع للاتحاد الأوروبي أن مرحلة الاضطراب العالمي والمفترض
بدايتها في الربع الأخير من 2009 ستشهد بروز ظاهرتين كبيرتين، أولاهما تلاشي القاعدة المالية المكونة من الدولار والديون في
العالم ، والثانية تفتت سريع لمصالح اللاعبين الأساسيين في النظام العالمي والمجموعات العالمية الكبري. وتوقع المختبر في تقريره
عن شهر فبراير الحالي أن تنتظم الأحداث خلال هذه المرحلة في متواليتين متوازيتين، تتمثل الأولي في تحلل سريع للمنظومة الدولية الحالية بأكملها، بينما تتميز الثانية بحدوث اضطراب استراتيجي يصيب الفاعلين العالميين الكبار. واعتبر التقرير المتواليتين أمرا مأساويا بالنسبة لعدة شركات عالمية كبري. وخلال هذه المرحلة، توقع المختبر أيضا انطلاق عملية إعادة بناء وهيكلة جديدة لكنها مفاجئة وسريعة ينهار معها النظام العالمي الحالي. واتهم فريق العمل التابع للمختبر قادة العالم بالعجز عن مواجهة الأزمة العالمية، والاكتفاء بمعالجة مظاهرها بدلا من معالجتها جذريا، معبرا من جهة عن «خيبة أمله من محاولات هؤلاء القادة غير المجدية وعدم استنتاجهم لعواقب انهيار المنظومة التي تحكم العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية».
ومن جهة أخري، عبر التقرير عن تشائمه بخصوص هذه المرحلة «مادام القادة في الولايات المتحدة وأوروبا والصين واليابان، مصرين علي التعامل مع المنظومة العالمية وكأنها تعرضت فقط لعطب بسيط سرعان ما يتم تداركه بإضافة بعض الوقود (السيولة) ومكونات أخري (تخفيض الفوائد وخطط إنقاذ الصناعات المهددة بالإفلاس)».
بينما يتطلب الأمر، في نظر فريق الخبراء، الاعتراف بعدم قابلية المنظومة للتطبيق أصلا وإعادة بناء منظومة جديدة، بدلا من التعنت في السعي لإنقاذ ما لا يصلح. ويري الخبراء الأوروبيون أنه ليس أمام قادة العالم، قبل حلول الصيف القادم، فرصة لتجنب الأسوأ سوي «منفذ صغير جدا» هي قمة بلدان الـ20 المقرر انعقادها في أبريل 2009، وهي القمة التي يرون أن انعقادها قد لا يخلو هو أيضا من تعثرات بسبب محاولات كل طرف الإفلات بجلده بمعزل عن الآخرين، لكنها تبقي الفرصة الأخيرة لإعادة توجيه سفينة العالم نحو اتجاه آمن وبنّاء.
وذلك قبل أن ينطلق مسلسل العجز عن تسديد الديون المتراكمة في بريطانيا ثم في الولايات المتحدة، وأما إذا تعذر ذلك فإن قادة العالم الحاليين سيفقدون السيطرة علي الأحداث العالمية، فيما سيفقد عدد منهم تلك السيطرة داخل بلدانهم، وبذلك يدخل العالم مرحلة من الاضطراب الجيوسياسي يكون فيها أشبه بسفينة فاقدة للاتجاه، وهي المرحلة التي توقع هؤلاء الخبراء أن يصبح العالم مع نهايتها في وضع أشبه ما يكون بأوروبا عام 1913.وينتقد التقرير الدول المعنية بالأزمة الراهنة، بما فيها الدول الأقوي بسبب دورها في بناء منظومة عالمية علي أساس توافق المصالح، فتلك الدول لم تدرك وهي تحمل أثقال الأزمة المتزايدة، أنها كانت تحمل علي كاهلها أوزار التاريخ، ناسية أن بقاء ذلك البناء قائما إلي اليوم إنما فرضه توافق مصالح الأغلبية. وجدد الخبراء تحذيرهم من فترة صعبة ينبغي للجميع، أفرادا وفاعلين اجتماعيين واقتصاديين، الاستعداد لمواجهتها، وهي فترة ستؤثر بقوة علي قطاعات كبيرة من مجتمعاتنا وتدفعها إلي الاختفاء المؤقت أو النهائي في بعض الحالات، وبالتالي فإن تصدع النظام النقدي العالمي خلال صيف عام 2009 لن يؤدي في نظر هؤلاء إلي انهيار الدولار الأمريكي وقيمة كل الأصول المقيمة بالدولار فحسب، ولكن من شأنه أيضا أن يؤجج العدوي النفسية بفقدان الثقة في العملات علي نطاق واسع.غير أن الأسوأ في نظر الخبراء يكمن في أن الكيانات السياسية والاقتصادية الأكثر تجانسا والأكثر «امبريالية»، هي التي ستشهد اضطرابا أكثر عنفا خلال هذه المرحلة الخامسة من الأزمة، وسينطبق الاضطراب الجيوسياسي المفترض علي الدول التي تعاني تصدعا استراتيجيا حقيقيا لتلك الدول، وكل مناطق نفوذها في العالم، فيما ستجد دول أخري نفسها تبعا لذلك غارقة في حالة من الفوضي..
هذا والله اعلم