الخميس، 26 فبراير 2009

السعودية 'تقصقص أجنحة' المؤسسة الدينية

السعودية 'تقصقص أجنحة' المؤسسة الدينية

العاهل السعودي يسعى لإنهاء احتكار مدرسة الفكر 'الوهابي' المتشدد بتعيين علماء من مدارس سنية أكثر اعتدالاً.

ميدل ايست اونلاين الرياض
ـ من اليستير ليون

يشير استبعاد الملك عبد الله عاهل السعودية لاثنين من رجال الدين المتشددين في اطار تعديل وزاري واسع النطاق الى سعيه للإسراع بخطى الإصلاح التي تتقدم ببطء شديد في المملكة وقص اجنحة المؤسسة الدينية القوية.
وفي خروج عن التقاليد السعودية عينت امرأة نائبه لوزير التعليم في التعديلات التي اعلنت السبت الماضي في أول تعديلات وزارية واسعة النطاق منذ تولي الملك سدة الحكم عام 2005.
وأعاد العاهل السعودي تشكيل هيئة كبار العلماء التي تضم 21 عضواً وهز بذلك احتكار مدرسة متشددة تنتمي للفكر "الوهابي" وضم اعضاء من مدارس سنية اكثر اعتدالاً ولكنه لم يضم اي اعضاء ينتمون للاقلية الشيعية.
وقال مصطفي العاني من مركز الخليج للابحاث ومقره دبي ان الهدف واضح جداً وهو الحد من نفوذ المؤسسة الدينية في النظامين القضائي والتعليمي.
وتابع ان في ذلك تنفيذ لرؤية الاصلاح التي لا يمكن ان تتحقق في وجود الحرس القديم بصفة خاصة في المؤسسات الدينية.
وكان من مظاهر التطوير السابقة ان شكل العاهل السعودي هيئة البيعة لاختيار ولي العهد وبدأ حواراً بين الاديان مع زعماء مسيحيين ويهود.
وعرقلت النخبة الدينية جهود الاصلاح القضائي والتعليمي في المملكة وهي حيوية لمواكبة التطور ومكافحة التطرف الاسلامي.
وأقال العاهل السعودي (84 عاماً) الشيخ ابراهيم الغيث رئيس هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وعين بدلاً منه الشيخ عبد العزيز بن حمين الحمين الذي تعهد بقدر اكبر من التسامح.
كما أقال الشيخ صالح اللحيدان رئيس المجلس الاعلى للقضاء الذي صدم عدداً كبيراً من السعوديين في سبتمبر/ايلول بفتواه التي تهدر من حيث المبدأ دم مسؤولين بقنوات تلفزيونية فضائية لبثهم مواد "اباحية" وبوصفهم مفسدين.
وقال فهد الشافعي المحلل السياسي السعودي ان الهيئة القضائية بدأت تحرج الحكومة بصفة عامة في العالم الخارجي وانه كان من الصعب التعامل مع الامر نظراً لتشابك الدين والسياسية.
وفي الشهر الماضي سلطت الاضواء على السعودية في اجتماع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان وطالبت الدول الغربية الرياض بوقف عقوبات الجلد وبتر الاطراف والسماح بحرية العقيدة والغاء نظام ولاية الرجل على المرأة.
وقال دبلوماسي غربي "تضييق الخناق على السعوديين في جنيف دق جرس انذار للمؤسسة بشأن حجم المشاكل التي يمكن ان تواجهها حين تدرس ادارة (الرئيس الاميركي باراك) أوباما عن قرب كيفية التعامل مع السعودية".
غير ان توقيت خطوة العاهل السعودي في منتصف الفترة بين الحج في ديسمبر كانون الثاني وعطلة الصيف لمؤسسات الدولة التي تستمر ثلاثة اشهر يبدو متصلاً بوتيرة العمل في السعودية اكثر منه بتولي الرئيس الاميركي منصبه.
واشاد اصلاحيون سعوديون بالتغييرات التي شملت ترقية بعض المسؤولين الاصغر سنا نسبيا ووصفوها بانها مؤشر على الجدية تأخر كثيراً.
وقال جمال خاشقجي رئيس تحرير صحيفة الوطن ان رجال الملك امسكوا بزمام الاصلاح وان عدداً كبيراً منهم وضع الخطوط العريضة له في السنوات الخمس الماضية.
واضاف ان الملك عبد الله يضع بصمته على التعليم والقضاء بتغييرات ستحدد منجزاته مستبعداً احتمال حدوث رد فعل غاضب من رجال الدين المتشددين.
وتابع ان هناك مبالغة في تقدير قوة رجال الدين المتشددين وانهم لا يملكون حلاً لمشاكل العصر الحديث مضيفاً ان الاقتصاد هو ما يهم الناس.
وشملت التغييرات تغيير رئيس مؤسسة النقد العربي السعودي ( البنك المركزي) بينما احتفظ وزيرا النفط والمالية بمنصبيهما.
ومن التحديات الرئيسية التي تواجه المملكة توفير فرص عمل ومساكن واتاحة فرص لعدد متزايد من مواطنيها من الشبان الذين لا يساعدهم كثيراً نظام التعليم الحالي.
وقال دبلوماسي غربي "ما تم حتى الان من حيث بناء جامعات جديدة لا يحل مشكلة عدم ملائمة المناهج لاحتياجات سوق العمل الى حد كبير. لم نطلع بعد على مسودة الاصلاح المزمع للتعليم".
وعين العاهل السعودي أيضاً نورة الفايز نائبة لوزير التربية والتعليم، وهذا أعلى منصب تحتله امرأة في المملكة.
وتولى منصب الوزير الامير فيصل بن عبد الله وهو نائب سابق لرئيس المخابرات المركزية.
ويرى المحلل السعودي خالد الدخيل انه ليس لديه خبرة في مجال التعليم وربما يحتاجون شخصاً قوياً مثله للتعامل مع المؤسسة الدينية.
وكان الملك عبد الله الحاكم الفعلي قبل وفاة سلفه المريض في عام 2005 وقد تحرك بحذر في الفترة السابقة رغم ما اشتهر عنه بانه صاحب عقلية اصلاحية.
ورغم قلة القيود الدستورية لسلطات الملك فان عليه ان يضع في الاعتبار رغبات الاسرة الحاكمة كبيرة العدد والمؤسسة الدينية فضلاً عن الرأي العام.
وقال العاني ان الملك سيطبق المزيد من الاصلاحات بشكل تدريجي بعد ان وطد اسس حكمه وانه لا توجد معارضة داخل الأسرة الحاكمة.
وأضاف ان من اقيلوا من السلطة فقدوا مصداقيتهم بالفعل.
المصدر